أبرزت كلمات رئيس الانقلاب المصري عبد الفتاح السيسي في القمة العربية-الإسلامية الطارئة بالدوحة، كما كتبت سمدار بيري، رسائل غير تقليدية حين اختار مخاطبة الشعب الإسرائيلي مباشرة بدلاً من قادته السياسيين. وجاء خطابه حاداً: "أتحدث إلى شعب إسرائيل: ما يحدث الآن يضر بمستقبل السلام، وبأمنكم، وبأمن شعبي في المنطقة، ويضع عقبات أمام اتفاقات السلام القائمة (الأردن ومصر) والمحتملة (بعض دول الخليج، السعودية، ودول إسلامية أكبر وأبعد)". وأكد الكاتب أن السيسي زعيم متمرّس ويجب أخذ كل كلمة له على محمل الجد.
وذكرت في المقال الذي نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، أن موقف أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني جاء مختلفاً، إذ ركّز على "العلاقات الممتازة مع الولايات المتحدة" أكثر من حديثه عن التضامن الإسلامي. وسارع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الإشادة بقطر واصفاً إياها بـ"الحليف الرائع"، محذراً الإسرائيليين بضرورة أن يكونوا أكثر حذراً. الرسالة بدت واضحة: إذا قررت إسرائيل الضرب داخل قطر فعليها أن تضمن إصابة أهداف مؤثرة.
تزامن الهجوم مع الذكرى الخامسة لاتفاقيات أبراهام. المشهد الأصلي في حفل التوقيع كان لافتاً، حيث اجتمع أربعة وزراء خارجية عرب مع وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد في قمة النقب. لكن بعد خمس سنوات تقلصت الإنجازات، وبقي السفير الإسرائيلي في البحرين وأبوظبي والمغرب، فيما انسحب السودان. الجوهر تراجع، وفي مناخ سياسي مختلف كان يمكن تحقيق خطوات اقتصادية وأمنية أوسع.
تؤكد محادثات مع مسؤولين عرب كبار أن الدول التي تحتفظ بعلاقات علنية أو سرية مع إسرائيل أصابها الإرهاق من بنيامين نتنياهو. وبلا استثناء، يفضل هؤلاء رؤية رئيس وزراء إسرائيلي آخر أكثر انفتاحاً على العالم العربي. يتمنون قائداً يتواصل معهم، يستشير، ويوضح، ويسأل، ويصغي، حتى إذا اختار في النهاية مساره الخاص. السعودية، صاحبة الدور المركزي في النظام العربي الجديد، لم تتخل عن فكرة الاقتراب من إسرائيل، لكنها تتريث.
ولي العهد محمد بن سلمان يملك الوقت والصبر، وبعد تجارب غير مرضية مع نتنياهو، قرر الانتظار ليرى من يخلفه. في المقابل، بدأت علاقات إسرائيل مع الأردن ومصر، شركاء السلام القدامى، تتراجع. لم يعد المواطن الإسرائيلي العادي يجد موطئ قدم حقيقي في البلدين، والسياحة في البتراء أو الإسكندرية لم تعد مضمونة كما كانت.
القمة اختتمت من دون إعلانات دراماتيكية، ما يمنح نتنياهو سبباً للشعور بالارتياح، بينما ترى المعارضة المشهد بعين أخرى. الحرب لم تُعلن، لكن جو الإحباط بدا واضحاً. ووفّرت القمة صورة كاشفة للدول المشاركة: معظمها على حافة الإفلاس، بعضها ممزق بين التيارات الإسلامية المتشددة وجيل شاب يطالب بالتغيير كما في إيران، وأخرى تلمّح لإسرائيل بأن مستقبل العلاقات الثنائية ما زال قائماً إذا توفرت الظروف المناسبة.
بذلك، أرسلت كلمات السيسي إشارة إنذار واضحة للإسرائيليين حول مستقبل السلام، بينما أظهرت تصريحات قادة آخرين أن المنطقة لا تزال تبحث عن معادلة توازن جديدة، وسط انقسام داخلي وأزمات اقتصادية خانقة. لكن المعنى الأهم أن القمة رغم ضجيجها لم تُنتج إلا رسائل تحذير وواقعية باردة، بينما يبقى مسار العلاقات العربية الإسرائيلية معلقاً على إرادة تغيير لم تتبلور بعد.
https://www.ynetnews.com/opinions-analysis/article/skvbpdwjxg